img

وَجَاءَ‭ ‬مِنْ‭ ‬أَقْصَىَ‭ ‬المَدِيْنَةِ‭ ‬رَجُلٌ‭ ‬يَسْعَىَ

لتحميل الكتاب

حسام خوش نويس، دماء لأجل لبنان

11-2-2014
التصنيق: إيران - المصدر / الكاتب: علي عواضة

المهندس حسام خوش نويس لطالما ارتبط اسمه بانجازات ومشاريع التنمية والإعمار الممولة من الجمهورية الاسلامية على الأراضي اللبنانية، كما في غيرها من الدول، إسم ليس بغريب عن الشعب اللبناني، وهو الذي كان له دور أساسي في الاشراف على اعادة اعمار مما دمرته آلة الحرب الاسرائيلية في عدوان حرب تموز 2006 من بنى تحتية ومدارس ودور عبادة ومستشفيات.
ولأن الحرب طالت كل لبنان، كانت انجازات الشهيد بحجم الوطن حيث تمكن من الاشراف على مشاريع تعدت الـ 5480 مشروعاً، امتداداً من بيروت والبقاع وصولاً الى الجنوب حيث حرص على تقديمها بأفضل نوعية وبجودة عالية.
نويس مواليد عام 1960 كل ما يعرف عنه انه كان من قدامى المحاربين في الحرب الإيرانية – العراقية التي دامت ثمانية اعوام، حيث قاتل في صفوف «الباسدران»، الحرس الثوري. وسرعان ما لفت نظر المسؤولين عنه، فتم تكليفه بمهام خاصة ومسؤوليات عديدة. وفي سنة 2001 وبعد سقوط حكومة طالبان ذهب الى أفغانستان للمساعدة على إعادة الإعمار. ومن ثم انتقل لاحقاً الى لبنان في اعقاب حرب تموز، وكانت مهمته الرئيسية اعادة اعمار ما هدمته الحرب.
في مقابلة اجرتها معه صحيفة لوس انجلوس تايمس سنة 2007، بوصفه الموفد الخاص لإيران من اجل اعادة اعمار لبنان قال نويس: "بعكس الدول الأخرى لم تضع الجمهورية الإسلامية ميزانية محددة لاعادة اعمار لبنان، وهي مستعدة لانفاق كل ما يتطلبه الامر".
مذ اتى هذا المهندس الى هنا، لم يهدأ ولم ينم. يقضي ما يقارب 18 ساعة من العمل المتواصل يومياً. يستيقظ مع صلاة الفجر بهمة وحيوية لا تدلان على انه مضى على نومه ثلاث ساعات او اقل بعد نهار شاق وطويل. يصلي، يتناول فطوره الصباحي المعتاد: الجبن والجوز مع قليل من الشاي والتمر. ويبدأ بالعمل، دون تلكؤ، دون احاديث جانبية.
كان الشهيد يتابع ميدانياً كل هذه المشاريع، ويضع لمسته الخاصة فيها، "فهو مدرسة في فن العمارة"؛ كما يقول رفيقه المهندس حسن حجازي، يذهب الى كل حديقة في الضاحية الجنوبية وفي الجنوب، وغيرها من الحدائق التي قامت الهيئة الايرانية بتشييدها يتفقد الورود والاشجار، يلامسها، هل قاموا بسقايتها؟ هل ذبلت بعض اوراقها؟ ويرعاها رعاية الاب لاطفاله، ليس فقط لأنه يحب اتقان عمله لا بل لأنه احب هذا البلد، واحب شعبه، وكان دائماً يردد:" نحن هنا لخدمة شعب المقاومة".
لم تهمه المظاهر يوماً، ولا المناصب، ولا الالقاب، لم يتخذ غرفة خاصة له، بل جعل مكتبه في الرواق.
كان على علاقة خاصة بالشهداء، فلا يمر اسبوع الا ويطلب زيارة عائلة شهيد، وفي كل مرة يزور فيها والد شهيد، ينحني امامه ويقبل يديه، ويطلب صورة لابنه حتى يضمها الى اخواتها من صور الشهداء في ملفه الخاص. اما مع ابناء الشهداء فكان كلما التقى بابن شهيد يقول له:"نحن نفتخر بكم".
ما قمنا به لا يساوي قطرة دم شهيد بهذه العبارة كان الشهيد يرد دائماً عندما يسأل عن تكلفة المشاريع التي قامت بها الهيئة الإيرانية في لبنان. خاصة بعد ان اعتبر انه هناك هدر كبير من قبل الجانب اللبناني في صرف التعويض عندما قال في مقابلة مع صحيفة الاخبار إذا كشفنا الرقم المدفوع على مشاريعنا وتولت شركة تدقيق مستقلة إجراء عملية حسابية فسيفتح نقاش لا ينتهي عن الهدر الكبير الذي حصل». عبارة تسببت يومها في احتجاج رسمي من قبل الرئيس فؤاد السنيورة.
عندما شارفت أعمال الهيئة الايرانية على الانتهاء، كان الشهيد حزيناً، وسُئل في احدى الجلسات، عن سبب حزنه، فأجاب "أحببت لبنان وأهل لبنان، فكيف أفارقهم؟".
مما قاله الشهيد عن شعب لبنان: "إن جل ما أطلبه من الشعب اللبناني المقاوم والصبور هو المسامحة عن أي تقصير، سواءً صدر من ادارة الهيئة الايرانية أو من جانب الاخوة العاملين فيها، فهدفنا ورسالتنا في الهيئة الايرانية كانت اعادة الاعمار وبالتالي استكمال النصر كما يعبر سماحة سيد المقاومة الا أن النصر الذي حققه الشعب اللبناني يبقى اعظم بكثير من أي انجاز حققناه على صعيد الاعمار... القيادة الايرانية كما الشعب الايراني العظيم لم ينسوا لبنان في أي وقت من الأوقات وسيبقون الى جانبكم أبداً..".
وفي 13 من شباط 2013 استشهد حسام خوش نويس في طريق عودته من دمشق الى بيروت، تاركاً خلفه إرثاً ثقيلاً، يبدأ بالوفاء لإنجازاته ولا ينتهي بالثأر لدمه، حيث أكدت الجمهورية الإسلامية في مناسبات عدة أن اغتيال الشهيد نويس لن يمر دون عقاب، وقال مساعد السيد علي خامنئي أن إيران ستثأر قريباً من «إسرائيل» مؤكداً "ليعلم أعداؤنا كذلك أننا سنثأر سريعا لمقتل الحاج حسن شاطري من الإسرائيليين ولا يمكن للأعداء أن يسكتوا الشعب الإيراني بمثل هذه الأفعال الغبية."

موقع Slabnews الالكتروني