img

وَجَاءَ‭ ‬مِنْ‭ ‬أَقْصَىَ‭ ‬المَدِيْنَةِ‭ ‬رَجُلٌ‭ ‬يَسْعَىَ

لتحميل الكتاب

حلم‭ ‬لم‭ ‬يتحقق


ومن‭ ‬الأفكار‭ ‬المميزة‭ ‬التي‭ ‬خطرت‭ ‬في‭ ‬ذهن‭ ‬المهندس‭ ‬حسام،‭ ‬حين‭ ‬لفتت‭ ‬نظره‭ ‬أرض‭ ‬قريبة‭ ‬من‭ ‬الحديقة،‭ ‬وهي‭ ‬إنشاء‭ ‬سكن‭ ‬سياحي‭ ‬قريب‭. ‬على‭ ‬شكل‭ ‬شاليهات‭ ‬مصممه‭ ‬بطريقة‭ ‬هندسية‭ ‬رائعة‭. ‬لقد‭ ‬فكر‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬شيء،‭ ‬وهو‭ ‬يعلم‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬المشروع‭ ‬الذي‭ ‬تحمس‭ ‬له‭ ‬ضخم‭ ‬ومكلف،‭ ‬لقد‭ ‬تجاوز‭ ‬سابقا‭ ‬الميزانية‭ ‬المرصودة‭ ‬عدة‭ ‬مرات،‭ ‬وتمت‭ ‬الموافقة‭ ‬بسبب‭ ‬قدرته‭ ‬على‭ ‬الإقناع‭ ‬بجدوى‭ ‬تلك‭ ‬الزيادات،‭ ‬لكن‭ ‬هذا‭ ‬المشروع‭ ‬أكبر‭ ‬من‭ ‬ذلك‭ ‬بكثير،‭ ‬وهو‭ ‬خارج‭ ‬هذه‭ ‬الأرقام‭ ‬تماما،‭ ‬ففكر‭ ‬أن‭ ‬ينشئ‭ ‬40‭ ‬شاليهاً،‭ ‬على‭ ‬عدد‭ ‬المحافظات‭ ‬الايرانية،‭ ‬وكل‭ ‬شاليه‭ ‬يحمل‭ ‬اسم‭ ‬تلك‭ ‬المحافظة،‭ ‬ويحتوي‭ ‬في‭ ‬تفاصيل‭ ‬منه‭ ‬بعض‭ ‬سماتها،‭ ‬يتعرف‭ ‬على‭ ‬تلك‭ ‬المحافظة‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬السكن‭ ‬في‭ ‬تلك‭ ‬الشاليه‭ ‬المسماة‭ ‬باسم‭ ‬المحافظة،‭ ‬كان‭ ‬واثقاً‭ ‬أنه‭ ‬يستطيع‭ ‬جمع‭ ‬التمويل‭ ‬لهذه‭ ‬الفكرة‭.‬
أعددنا‭ ‬لها‭ ‬دراسة‭ ‬أولى،‭ ‬وثانية،‭ ‬وثالثة،‭ ‬وأعددنا‭ ‬لها‭ ‬الخرائط‭ ‬اللازمة،‭ ‬وكان‭ ‬المهندس‭ ‬حسام‭ ‬يسافر‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬مرة‭ ‬إلى‭ ‬إيران،‭ ‬ويدور‭ ‬على‭ ‬المحافظات‭ ‬الإيرانية،‭ ‬ويأخذ‭ ‬معه‭ ‬الدراسات‭ ‬والخرائط،‭ ‬ليستطيع‭ ‬تأمين‭ ‬التمويل‭ ‬لهذه‭ ‬الشاليهات‭. ‬لكنه‭ ‬لم‭ ‬يوفق،‭ ‬رغم‭ ‬كل‭ ‬الجهد‭ ‬الذي‭ ‬بذله،‭ ‬وظل‭ ‬ذلك‭ ‬حلماً‭ ‬من‭ ‬أحلامه‭ ‬التي‭ ‬لم‭ ‬تتحقق‭.‬
لكنه‭ ‬حقق‭ ‬بعضاً‭ ‬منه‭ ‬وإن‭ ‬بشكل‭ ‬رمزي،‭ ‬استبدلنا‭ ‬الفكرة‭ ‬بأن‭ ‬أعطينا‭ ‬كل‭ ‬خيمة‭ ‬أنشأناها‭ ‬في‭ ‬الحديقة‭ ‬والتي‭ ‬بلغ‭ ‬عددها‭ ‬40‭ ‬على‭ ‬عدد‭ ‬المحافظات‭ ‬الايرانية،‭ ‬أعطيناها‭ ‬أسماء‭ ‬المحافظات‭ ‬الايرانية،‭ ‬فأصبحت‭ ‬كل‭ ‬خيمة‭ ‬تحمل‭ ‬اسم‭ ‬محافظة‭ ‬إيرانية،‭ ‬وعليها‭ ‬لوحة‭ ‬تشير‭ ‬إلى‭ ‬معلومات‭ ‬عامة‭ ‬عنها‭ ‬وعدد‭ ‬سكانها،‭ ‬تراثها،‭ ‬طبيعتها،‭ ‬آثارها،‭ ‬وشهدائها‭.‬
كان‭ ‬يريد‭ ‬أن‭ ‬يربط‭ ‬الشعب‭ ‬اللبناني‭ ‬بالشعب‭ ‬الايراني،‭ ‬ويعزز‭ ‬هذا‭ ‬الارتباط،‭ ‬لذلك‭ ‬تم‭ ‬الاتفاق‭ ‬على‭ ‬تسمية‭ ‬الحديقة‭ ‬باسم‭ ‬حديقة‭ ‬ايران‭ ‬في‭ ‬مارون‭ ‬الراس،‭ ‬وطلب‭ ‬المهندس‭ ‬أن‭ ‬نضع‭ ‬على‭ ‬المدخل‭ ‬خريطة‭ ‬لايران،‭ ‬وقال‭:‬
‭ - ‬أليست‭ ‬هذه‭ ‬حديقة‭ ‬إيران؟‭.. ‬على‭ ‬الشعب‭ ‬اللبناني‭ ‬أن‭ ‬يتعرف‭ ‬على‭ ‬إيران‭.‬
فأنشأنا‭ ‬خريطة‭ ‬لإيران‭ ‬على‭ ‬مدخل‭ ‬الحديقة،‭ ‬ورسمناها‭ ‬على‭ ‬الصخرة‭ ‬الخلفية،‭ ‬خارطة‭ ‬كبيرة‭ ‬كتب‭ ‬عليها‭ ‬أسماء‭ ‬المحافظات‭ ‬مع‭ ‬ألوان،‭ ‬كان‭ ‬هدفها‭ ‬تعميق‭ ‬العلاقة‭ ‬بين‭ ‬الشعبين‭ ‬اللبناني‭ ‬والايراني‭ ‬كما‭ ‬أراد‭ ‬المهندس‭ ‬حسام،‭ ‬وكانت‭ ‬تلك‭ ‬الخريطة‭ ‬فكرة‭ ‬مميزة‭ ‬كما‭ ‬كل‭ ‬أفكاره،‭ ‬أخذت‭ ‬صدىً‭ ‬جميلاً،‭ ‬وتجاوباً‭ ‬ظاهراً،‭ ‬وهي‭ ‬مقصد‭ ‬للناس‭ ‬اليوم،‭ ‬يأتون‭ ‬ويلتقطون‭ ‬إلى‭ ‬جانبها‭ ‬الصور‭. ‬وكان‭ ‬كثير‭ ‬الفرح‭ ‬بها،‭ ‬وكل‭ ‬فترة‭ ‬نقوم‭ ‬بإعادة‭ ‬تجديد‭ ‬وصيانة‭ ‬لتلك‭ ‬الخريطة‭ ‬استجابة‭ ‬للإقبال‭ ‬الذي‭ ‬تحظى‭ ‬به‭ ‬من‭ ‬الزائرين،‭ ‬لتبقى‭ ‬على‭ ‬رونقها‭ ‬في‭ ‬مواجهة‭ ‬العوامل‭ ‬الطبيعية‭.‬