img

وَجَاءَ‭ ‬مِنْ‭ ‬أَقْصَىَ‭ ‬المَدِيْنَةِ‭ ‬رَجُلٌ‭ ‬يَسْعَىَ

لتحميل الكتاب

عاملا‭ ‬في‭ ‬المطار‭ ‬أو‭ ‬نادلا‭ ‬في‭ ‬المطعم


في‭ ‬الرحلة‭ ‬إلى‭ ‬ايران،‭ ‬رأينا‭ ‬منه‭ ‬ما‭ ‬أذهلنا‭ ‬وما‭ ‬سحرنا‭ ‬في‭ ‬آن،‭ ‬إذا‭ ‬راقبت‭ ‬أفعاله‭ ‬في‭ ‬تلك‭ ‬الرحلة،‭ ‬ولم‭ ‬تكن‭ ‬تعرفه،‭ ‬وأردت‭ ‬أن‭ ‬تضع‭ ‬له‭ ‬توصيفاً‭ ‬معيناً،‭ ‬فسوف‭ ‬يكون‭ ‬إما‭ ‬خادما‭ ‬في‭ ‬الحملة،‭ ‬أو‭ ‬عاملا‭ ‬في‭ ‬المطار،‭ ‬أو‭ ‬نادلاً‭ ‬في‭ ‬المطعم‭. ‬هذا‭ ‬التواضع‭ ‬غريب‭ ‬علينا‭ ‬ولا‭ ‬نعرفه،‭ ‬لم‭ ‬نجد‭ ‬له‭ ‬مثيلاً‭ ‬أبداً،‭ ‬كان‭ ‬لا‭ ‬يجلس‭ ‬في‭ ‬المطعم‭ ‬ليتناول‭ ‬وجبته‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬يطمئن‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬الجميع‭ ‬قد‭ ‬جلس،‭ ‬وأمام‭ ‬كل‭ ‬واحد‭ ‬ما‭ ‬يحتاجه،‭ ‬علما‭ ‬أننا‭ ‬في‭ ‬تلك‭ ‬الرحلة‭ ‬كنا‭ ‬نبلغ‭ ‬150‭ ‬شخصا‭. ‬وكان‭ ‬آخر‭ ‬من‭ ‬يسكب‭ ‬الطعام‭ ‬لنفسه،‭ ‬من‭ ‬باب‭ ‬الاطمئنان‭ ‬أن‭ ‬الجميع‭ ‬نالوا‭ ‬حصصهم‭.‬
لم‭ ‬يكن‭ ‬يستقل‭ ‬سيارته‭ ‬الخاصة‭ ‬في‭ ‬الرحلة‭ ‬ليلتقي‭ ‬بنا‭ ‬في‭ ‬الأماكن‭ ‬المتفق‭ ‬عليها‭ ‬في‭ ‬جدول‭ ‬الرحلة،‭ ‬بل‭ ‬كان‭ ‬يركب‭ ‬معنا‭ ‬في‭ ‬الباصات،‭ ‬ويتفقدنا‭ ‬فردا‭ ‬فردا،‭ ‬ويسأل‭ ‬عن‭ ‬حاجاتنا‭.‬
بعد‭ ‬الرحلة،‭ ‬وحين‭ ‬عدنا‭ ‬إلى‭ ‬لبنان،‭ ‬أضاف‭ ‬إلى‭ ‬ذكريات‭ ‬الرحلة‭ ‬عملاً‭ ‬جميلاً‭.‬لن‭ ‬ننساه،‭ ‬وذلك‭ ‬في‭ ‬مناسبة‭ ‬ولادة‭ ‬الامام‭ ‬المهدي‭‬‭) ‬عجل‭ ‬الله‭ ‬تعالى‭ ‬فرجه)‬،‭ ‬حيث‭ ‬اجتمعنا‭ ‬في‭ ‬استراحة‭ "‬الفاميلي‭ ‬هاوس‭"‬،‭ ‬وكانت‭ ‬الدعوة‭ ‬لجميع‭ ‬الذين‭ ‬كانوا‭ ‬في‭ ‬تلك‭ ‬الرحلة،‭ ‬وبعد‭ ‬اجتماع‭ ‬الكل،‭ ‬أخذ‭ ‬ينشد‭ ‬باللغة‭ ‬الايرانية‭ ‬تواشيحاً‭ ‬للإمام‭ ‬المهدي ‭‬‭)‬عجل‭ ‬الله‭ ‬تعالى‭ ‬فرجه)‬،‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬حاجز‭ ‬الموقعية،‭ ‬أو‭ ‬المسؤولية‭ ‬ليمنعه‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬ينشد‭ ‬على‭ ‬سجيته‭ ‬أمام‭ ‬الناس،‭ ‬بصوته‭ ‬الجميل‭ ‬المؤثر‭. ‬
يكفي‭ ‬ان‭ ‬نذكر‭ ‬قصة‭ ‬اختياره‭ ‬لشعار‭ ‬الهيئة،‭ ‬لنرى‭ ‬كل‭ ‬ذلك‭ ‬بوضوح،‭ ‬عنواناً‭ ‬لكل‭ ‬ذلك‭ ‬الذي‭ ‬هو‭ ‬فيه،‭ ‬واختصاراً‭ ‬لكل‭ ‬التصرف‭ ‬الفريد‭ ‬الصّادر‭ ‬عن‭ ‬المهندس‭ ‬حسام‭. ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬يريده‭ ‬شعاراً‭ ‬إعلاميا‭ ‬أو‭ ‬ما‭ ‬شابه‭ ‬ذلك،‭ ‬فهو‭ ‬أبعد‭ ‬ما‭ ‬يكون‭ ‬عن‭ ‬مثل‭ ‬تلك‭ ‬الشعارات،‭ ‬وقد‭ ‬أخذ‭ ‬وقتا‭ ‬كافيا‭ ‬لاختياره،‭ ‬وكنا‭ ‬قد‭ ‬اقترحنا‭ ‬عليه‭ ‬شعارات‭ ‬عدّة،‭ ‬قريبة‭ ‬مما‭ ‬كان‭ ‬يريد،‭ ‬منها‭ ‬مثلاً‭: "‬في‭ ‬خدمة‭ ‬الشعب‭ ‬اللبناني‭". ‬ولكنه‭ ‬قال‭ ‬أنه‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬ننظر‭ ‬أو‭ ‬نذهب‭ ‬إلى‭ ‬ما‭ ‬هو‭ ‬أعمق‭ ‬من‭ ‬هذا،‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬اختار‭ ‬شعاراً‭ ‬وجده‭ ‬معبّراً‭ ‬تماماً‭ ‬عما‭ ‬يريد،‭ ‬وبقي‭ ‬حتى‭ ‬الآن‭ ‬شعاراً‭ ‬للهيئة،‭ ‬وهو‭ ‬قول‭ ‬الامام‭ ‬الخميني‭:‬
‭"‬لا‭ ‬تمنّوا‭ ‬على‭ ‬الناس‭ ‬بأنكم‭ ‬تخدمونهم‭ ‬بل‭ ‬هم‭ ‬يمنّون‭ ‬عليكم‭ ‬بأنهم‭ ‬طريقكم‭ ‬إلى‭ ‬الله‭".‬
هكذا‭ ‬كان‭ ‬يفكر،‭ ‬وتلك‭ ‬هي‭ ‬الرؤية‭ ‬الواضحة‭ ‬عنده‭ ‬بلا‭ ‬تردد‭ ‬أو‭ ‬غموض‭. ‬