img

وَجَاءَ‭ ‬مِنْ‭ ‬أَقْصَىَ‭ ‬المَدِيْنَةِ‭ ‬رَجُلٌ‭ ‬يَسْعَىَ

لتحميل الكتاب

الشهيد حسام خوش نويس: مدرسة جديدة في الاعمار

خبرنا في لبنان ، وكنتيجة للأعتداءات والحروب المتعددة التي خيضت على ارضه ، العديد من اساليب اعادة بناء ما كانت تهدمه جولات الحرب المتعاقبة ، حيث كانت تصل تباعاً تقديمات الدول المانحة ، ويجري على ضوئها ، وباشراف مباشر او غير مباشر ، اعادة بناء وترميم المناطق المتضررة ، وغالباً ما كانت هذه المنح والهبات تخضع لمصالح هذه الدول او تلك وحضورها السياسي على الساحة اللبنانية التي كانت مسرحاً اساسياً لكل المخطاطات المرسومة لمنطقة الشرق الاوسط .
واذا كان لابد من حيث المبدأ ، وكمواطن لبناني ان اشكر كل من قدم يد المساعدة الى لبنان وشعبه ، إلا انه ومن موقعنا اللبناني هذا ، و من موقع انساني عام ، لانستطيع إلا ان نقف عند ظاهرة جديدة وفريدة في مجال اعادة الأعمار ، ألا وهي التجربة التي كرَستها الهيئة الايرانية لاعادة اعمار لبنان بشخص رئيسها الشهيد المظلوم المهندس حسام خوش نويس .
وهذه الظاهرة تعتبر بحق مدرسة جديدة في لبنان من قبل دولة مانحة ، وعنوانها الأول هو: العطاء والأعمار بحب وتقدير كبيرين لمن تعطيهم وتعمر لهم ، بحيث تشعر بالسعادة وانت تعطي ، وتتواضع وتنحني امام هذا الشعب الأبي الطيب الذي فتح قلبه لعطائك ، وتشكره وكأنه له المنة عليك بدلاً من تمننه بأنك تعطيه...
هذا الجانب لمسناه بوضوح مجسداً في اعمال الهيئة وفريقها ، وكرسه الشهيد المهندس حسام بعطائه المتوقد وعمله المتواصل ليل ونهار باخلاص وصدق كبيرين ، وتواضعه الكبير لمن يبني لهم وعيشه الدائم معهم ومع آلامهم وافراحهم وكأنه واحد منهم ..
أن يتماهى المعطي مع من يعطي شيء رائع وجديد من دولة مانحة كرسه ممثل الجمهورية الاسلامية لاعادة اعمار لبنان بما اعطى صورة ناصعة عن العطاء بلا حدود وبلا منّة وبتقدير وحب كبيرين .
لذلك شهدنا هذا الزحف الجماهيري الكبير في مراسم عزاء الشهيد في السفارة الايرانية ، حيث لاحظنا وعلى مدى يومين ...وجوه الكثيرين من اهلنا الطيبين الذين قدموا من مختلف المناطق اللبنانية ، من اقصى الجنوب الى اقصى البقاع ، اضافة الى الضاحية وبقية المناطق ، جاؤوا ليعبروا عن حزنهم ومواساتهم بفقد رجل احسّوا دوماً انه معهم وبينهم وواحداً منهم ... وهو الذي كان يقضي ايامه على طرقات بيوتهم ومراكز عباداتهم ومؤسساتهم التربوية والصحية ، لا في المكاتب الفخمة او المكيفة ، وهو الذي كان ينحني دوماً امام عطاءاتهم وبطولاتهم وشهدائهم .
وكان مهما قدّم ، وكثير كثير ما قدمه ، كان يشعر دوماً ان هذا الشعب يستحق اكثر ، وكان يتقدم منه بالاعتذار عن أي تقصير قد يبدو منه في أي مجال ...!!
هذا الحب والخلق الانساني الرفيع ، انما يأتي من اناس طبيعتهم تتحسس آلام الناس واوجاعهم ، والعيش في خدمتهم ، اناس طبيعتهم الجهاد ومآلهم الشهادة في درب العطاء .
هذه هي مدرسة الشهيد حسام ، والتي تعتبر ظاهرة بارزة وجديدة بعمقها ، وتشعبها بحيث صبغت مرحلة اعادة اعمار لبنان بعد عدوان تموز 2006 بصبغتها الخاصة ، واضحت ابرز ظاهرة في هذه المرحلة ، طبعاً نحن هنا نتحدث عن تجارب الدول المانحة ولا نتحدث عن التجارب الداخلية والا كانت تجارب مؤسسة جهاد البناء المتوالية في تضميد جراح اهلنا خلال مراحل الاعتداءات المختلفة والتي توجت بمشروع وعد نموذج داخلي لأساليب الاعمار بعد الحرب .
إن الادارة من خلال الحضور الدائم بالميدان ومتابعة التفاصيل بهدف الاسراع في الانجاز واتقانه بافضل شكل ممكن ، وعيش هموم الناس انما هي نتاج هذه المدرسة الجديدة في اعادة الاعمار .
نعم لا نغفل هنا عن نقطة الاتقان والمواصفات العلمية العالية التي اعتمدت في انجاز الاعمال ، لكن هذه قد نجدها احياناً في بعض الاعمال الاخرى ، وعلى اهميتها لاتشكل لوحدها مدرسة جديدة وظاهرة جديدة .
من هنا ... وتقديراً لهذه الظاهرة الطيبة في تاريخ لبنان ، كنا نتوقع من المسؤولين وعلى اعلى المستويات اهتماماً اكبر .. وتكريماً لمن رفع عن كاهلهم عبئاً كبيراً هو من مسؤولياتهم تجاه شعبهم ..
فهذه المناطق التي اعاد بناءها .. من الجنوب الى البقاع مروراً بالضاحية ، هي مناطق لبنانية واهلها لبنانيون ...ايها المسؤولون ..!!
فهل من يكون على مستوى هذه الظاهرة وهذه المدرسة ...!!

المهندس حسن حجازي
مسؤول وحدة المهن الحرة في حزب الله