img

وَجَاءَ‭ ‬مِنْ‭ ‬أَقْصَىَ‭ ‬المَدِيْنَةِ‭ ‬رَجُلٌ‭ ‬يَسْعَىَ

لتحميل الكتاب

كرمى‭ ‬لك‭ ‬ستكون


في‭ ‬قرية‭ ‬صغيرة‭ ‬جداً،‭ ‬اسمها‭ "‬حجولا‭"‬،‭ ‬في‭ ‬مكان‭ ‬اسمه‭ "‬حصن‭ ‬عار‭"‬،‭ ‬سرنا‭ ‬مسافة‭ ‬6‭ ‬كم‭ ‬في‭ ‬مكان‭ ‬عال‭ ‬جداً،‭ ‬يرتفع‭ ‬عن‭ ‬سطح‭ ‬البحر‭ ‬1300متر‭ ‬تقريباً،‭ ‬وكانت‭ ‬الطريق‭ ‬شاقة‭ ‬ووعرة،‭ ‬ترابية،‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬السير‭ ‬عليها‭ ‬الا‭ ‬بشق‭ ‬الأنفس،‭ ‬رأينا‭ ‬في‭ ‬القرية‭ ‬عدداً‭ ‬من‭ ‬المنازل‭ ‬التي‭ ‬هجرها‭ ‬أصحابها‭ ‬لصعوبة‭ ‬الحياة‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬المكان،‭ ‬وهناك‭ ‬ما‭ ‬يشبه‭ ‬الطريق،‭ ‬يصل‭ ‬الى‭ ‬منزلين‭ ‬حولهما‭ ‬غنم،‭ ‬بدا‭ ‬واضحاً‭ ‬أن‭ ‬أصحاب‭ ‬المنزلين‭ ‬رعاة‭ ‬للماشية،‭ ‬وهناك‭ ‬التقينا‭ ‬بطفلين‭ ‬صغيرين‭ ‬على‭ ‬طرف‭ ‬الطريق،‭ ‬وقد‭ ‬بدت‭ ‬على‭ ‬ثيابهما‭ ‬علامات‭ ‬الفقر‭ ‬والاستضعاف،‭ ‬وكعادته‭ ‬المهندس‭ ‬حسام‭ ‬في‭ ‬علاقته‭ ‬الخاصة‭ ‬بالصغار‭ ‬توقف‭ ‬بالقرب‭ ‬منهما‭ ‬وترجل‭ ‬من‭ ‬السيارة،‭ ‬توجه‭ ‬إليهما‭ ‬باسماً‭ ‬ملاعباً،‭ ‬وأخذ‭ ‬يتحدث‭ ‬إليهما‭ ‬حديث‭ ‬الصغار‭ ‬للصغار،‭ ‬وهو‭ ‬الذي‭ ‬يجيد‭ ‬ذلك‭ ‬تماماً،‭ ‬ينفتح‭ ‬إليه‭ ‬الصغار‭ ‬في‭ ‬حديث‭ ‬جميل‭ ‬دون‭ ‬شعور‭ ‬بالخوف،‭ ‬أو‭ ‬بحاجز‭ ‬من‭ ‬العمر‭:‬
‭ - ‬انت‭ ‬شو‭ ‬اسمك؟‭.‬
‭ - ‬اسمي‭ ‬حسين‭.‬
‭ - ‬الله‭.. ‬الله‭ ‬شو‭ ‬حلو‭ ‬هالإسم‭.‬
يهز‭ ‬رأسه‭ ‬معبراً‭ ‬عن‭ ‬إعجابه‭ ‬الشديد‭ ‬بالإسم،‭ ‬ثم‭ ‬احتضنه‭ ‬وقبله‭:‬
‭ - ‬أنت‭ ‬جميل‭ ‬واسمك‭ ‬جميل‭.. ‬أنا‭ ‬كرمى‭ ‬لك‭ ‬يا‭ ‬حسين‭ ‬سأصلح‭ ‬هذه‭ ‬الطريق‭.. ‬
يتلفظ‭ ‬باسم‭ ‬حسين‭ ‬ويكرره‭ ‬بكثير‭ ‬من‭ ‬التأثر،‭ ‬أن‭ ‬يسمع‭ ‬باسم‭ ‬حسين‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الجبل‭ ‬البعيد‭ ‬المنسي‭ ‬والمهجور،‭ ‬ترك‭ ‬فيه‭ ‬أثراً‭ ‬بالغاً‭. ‬حين‭ ‬نزلنا‭ ‬من‭ ‬هناك‭ ‬كان‭ ‬ما‭ ‬زال‭ ‬تأثره‭ ‬واضحاً،‭ ‬وفي‭ ‬داخل‭ ‬السيارة،‭ ‬وعلى‭ ‬صوت‭ ‬ندبية‭: ‬يا‭ ‬أبا‭ ‬صالح،‭ ‬نسي‭ ‬المهندس‭ ‬حسام‭ ‬أرقامه،‭ ‬وجلس‭ ‬يبكي‭ ‬الحسين،‭ ‬بكى‭ ‬كثيراً‭ ‬وهو‭ ‬يردد‭ ‬يا‭ ‬حسين‭.. ‬ياحسين‭.‬
وبتمويل‭ ‬خاص‭ ‬تم‭ ‬تنفيذ‭ ‬هذه‭ ‬الطريق‭ ‬باسم‭ ‬المهندس‭ ‬حسام‭.‬