img

وَجَاءَ‭ ‬مِنْ‭ ‬أَقْصَىَ‭ ‬المَدِيْنَةِ‭ ‬رَجُلٌ‭ ‬يَسْعَىَ

لتحميل الكتاب

صناعة‭ ‬المودة


لم‭ ‬التقِ‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬حياتي‭ ‬برجل‭ ‬مثل‭ ‬المهندس‭ ‬حسام،‭ ‬كانت‭ ‬روحه‭ ‬المحبة‭ ‬المرحة‭ ‬تؤثر‭ ‬على‭ ‬كل‭ ‬المحيط‭ ‬الذي‭ ‬يتواجد‭ ‬فيه،‭ ‬كنا‭ ‬نحن‭ ‬العاملين‭ ‬معه‭ ‬نتأثر‭ ‬كثيراً‭ ‬بابتسامته،‭ ‬وبالمودة‭ ‬التي‭ ‬يبديها،‭ ‬وبابتسامته‭ ‬الدائمة،‭ ‬يزيل‭ ‬دائماً‭ ‬أسباب‭ ‬القلق‭ ‬والانزعاج‭ ‬بحكمة‭ ‬عجيبة،‭ ‬وقدرة‭ ‬فائقة،‭ ‬بوجوده‭ ‬تحل‭ ‬المشاكل‭ ‬مهما‭ ‬كانت‭ ‬معقدة،‭ ‬تلك‭ ‬المواصفات‭ ‬في‭ ‬شخصيته،‭ ‬وروح‭ ‬المحبة‭ ‬التي‭ ‬يتحلى‭ ‬بها،‭ ‬جعلت‭ ‬له‭ ‬طريقة‭ ‬مختلفة‭ ‬في‭ ‬حل‭ ‬المشكلات،‭ ‬نابعة‭ ‬من‭ ‬طيبته،‭ ‬وقدرته‭ ‬على‭ ‬التأثير‭.‬
أذكر‭ ‬أنه‭ ‬في‭ ‬إحدى‭ ‬المرات‭ ‬كان‭ ‬على‭ ‬موعد‭ ‬للاجتماع‭ ‬بشخصين‭ ‬من‭ ‬البقاع،‭ ‬رجلين‭ ‬كان‭ ‬علينا‭ ‬أن‭ ‬نعمل‭ ‬معهما‭ ‬في‭ ‬شأن‭ ‬واحد،‭ ‬كانا‭ ‬يتكلمان‭ ‬بموضوع‭ ‬الكسارات،‭ ‬ومشاريع‭ ‬الكسارة،‭ ‬وتفاصيل‭ ‬عملها،‭ ‬ثم‭ ‬اختلفت‭ ‬وجهات‭ ‬النظر‭ ‬بين‭ ‬الرجلين،‭ ‬ثمّ‭ ‬دبّ‭ ‬الخلاف‭ ‬بينهما،‭ ‬بخصوص‭ ‬المواد‭ ‬الأولية،‭ ‬وتحضيرها،‭ ‬وجودتها،‭ ‬وطبيعة‭ ‬العمل،‭ ‬وما‭ ‬إلى‭ ‬ذلك،‭ ‬حتى‭ ‬توتر‭ ‬الجو‭ ‬وشحن‭ ‬إلى‭ ‬الحد‭ ‬الأقصى،‭ ‬وأصبح‭ ‬التفاهم‭ ‬بينهما‭ ‬مستحيلاً،‭ ‬وكادا‭ ‬أن‭ ‬يبطلا‭ ‬عقد‭ ‬التعامل‭ ‬فيما‭ ‬بينهما،‭ ‬فما‭ ‬كان‭ ‬من‭ ‬المهندس‭ ‬حسام‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬نادى‭ ‬بالصلاة‭ ‬على‭ ‬محمد‭ ‬وآل‭ ‬محمد،‭ ‬قاطعاً‭ ‬بذلك‭ ‬الحديث‭ ‬المتوتر،‭ ‬ثم‭ ‬دخل‭ ‬إلى‭ ‬المطبخ،‭ ‬وأخذ‭ ‬القليل‭ ‬من‭ ‬الخبز،‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬حمصه‭ ‬على‭ ‬الغاز،‭ ‬ودخل‭ ‬به‭ ‬إلى‭ ‬مكان‭ ‬الاجتماع،‭ ‬وهو‭ ‬يبتسم‭ ‬ابتسامته‭ ‬اللطيفة‭ ‬المؤثرة،‭ ‬وطلب‭ ‬إليهما‭ ‬بأدبه‭ ‬المعروف‭ ‬أن‭ ‬يتذوقا،‭ ‬ثم‭ ‬دعاهما‭ ‬إلى‭ ‬تناوله‭ ‬معه،‭ ‬وحين‭ ‬أكلا‭ ‬أعجبهما‭ ‬ذلك،‭ ‬وتبادلا‭ ‬الأحاديث‭ ‬عن‭ ‬هذا‭ ‬الخبز،‭ ‬وكيف‭ ‬أحضره‭ ‬المهندس،‭ ‬وطريقة‭ ‬التحميص‭ ‬والفوائد‭ ‬الجمة‭ ‬لهذا،‭ ‬وفي‭ ‬سهولة‭ ‬التحضير،‭ ‬و‭.. ‬،‭ ‬حتى‭ ‬ساد‭ ‬جو‭ ‬من‭ ‬البهجة‭ ‬والظرافة‭ ‬التي‭ ‬أضفاها‭ ‬المهندس‭ ‬بأسلوبه‭ ‬الجميل،‭ ‬فزال‭ ‬جو‭ ‬التوتر‭ ‬والمشاحنة‭ ‬نهائياً،‭ ‬وارتفعت‭ ‬مكانه‭ ‬الضحكات،‭ ‬وإذا‭ ‬بهما‭ ‬يتفقان‭ ‬بكل‭ ‬سهولة،‭ ‬وتم‭ ‬الاتفاق‭ ‬على‭ ‬كلِّ‭ ‬شيء‭ ‬برحابة‭ ‬صدر‭ ‬وهدوء‭ ‬تام‭.‬