img

وَجَاءَ‭ ‬مِنْ‭ ‬أَقْصَىَ‭ ‬المَدِيْنَةِ‭ ‬رَجُلٌ‭ ‬يَسْعَىَ

لتحميل الكتاب

الدعاء


كان‭ ‬المهندس‭ ‬حسام‭ ‬شديد‭ ‬التعلق‭ ‬بالدعاء،‭ ‬فالدعاء‭ ‬حاضرٌ‭ ‬في‭ ‬نهار‭ ‬المهندس‭ ‬وليله،‭ ‬يكاد‭ ‬لا‭ ‬يفارق‭ ‬لسانه،‭ ‬وكتب‭ ‬الأدعيّة‭ ‬في‭ ‬السيارة‭ ‬والمكتب‭ ‬ومكان‭ ‬سكنه،‭ ‬وهو‭ ‬بعد‭ ‬ذلك‭ ‬يحرض‭ ‬على‭ ‬قراءته،‭ ‬ويدعو‭ ‬إليه،‭ ‬يريد‭ ‬للمقربين‭ ‬منه‭ ‬أن‭ ‬يتأثروا‭ ‬به‭ ‬كما‭ ‬يتأثر‭ ‬هو،‭ ‬أن‭ ‬يستفيدوا‭ ‬منه،‭ ‬يقول‭ ‬لهم‭ ‬إنها‭ ‬نعمة‭ ‬ربانية،‭ ‬لا‭ ‬يريد‭ ‬لهم‭ ‬أن‭ ‬يهدروها،‭ ‬يريد‭ ‬لهم‭ ‬أن‭ ‬يعيشوا‭ ‬تلك‭ ‬الحياة‭ ‬الروحية‭ ‬التي‭ ‬كان‭ ‬يعيشها‭. ‬
هناك‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬المحطات‭ ‬التي‭ ‬توقفنا‭ ‬عندها،‭ ‬أنا‭ ‬وجميع‭ ‬من‭ ‬عاشر‭ ‬المهندس‭ ‬حسام،‭ ‬ومنها‭ ‬أعمال‭ ‬يوم‭ ‬الجمعة‭ ‬وأدعيتها،‭ ‬التي‭ ‬نظم‭ ‬لها‭ ‬المهندس‭ ‬وبمساعدة‭ ‬بعض‭ ‬الأشخاص‭ ‬موعداً‭ ‬ولقاء،‭ ‬جمع‭ ‬فيه‭ ‬عدداً‭ ‬من‭ ‬المؤمنين،‭ ‬ليكون‭ ‬لقاء‭ ‬دورياً‭ ‬ثابتاً،‭ ‬وذلك‭ ‬بشكل‭ ‬تداول‭ ‬أدوار،‭ ‬ليكون‭ ‬كل‭ ‬يوم‭ ‬جمعة‭ ‬في‭ ‬منزل‭ ‬واحد‭ ‬منهم،‭ ‬ممن‭ ‬يستطيعون‭ ‬ذلك‭. ‬
وتم‭ ‬العمل‭ ‬على‭ ‬هذا‭ ‬الأساس،‭ ‬وأصبح‭ ‬يوم‭ ‬الجمعة‭ ‬موعداً‭ ‬ثابتاً،‭ ‬محدداً‭ ‬وقته،‭ ‬وفيه‭ ‬يُعلن‭ ‬عن‭ ‬المكان‭ ‬في‭ ‬الأسبوع‭ ‬التالي،‭ ‬وكان‭ ‬لذلك‭ ‬اللقاء‭ ‬أثر‭ ‬جميلٌ‭ ‬في‭ ‬نفوسنا‭ ‬جميعاً‭ ‬من‭ ‬الناحية‭ ‬العباديّة،‭ ‬وازددنا‭ ‬بهذا‭ ‬اللقاء‭ ‬تقارباَ‭ ‬والفة،‭ ‬وأصبحنا‭ ‬ببركته‭ ‬أكثر‭ ‬مودة،‭ ‬حيث‭ ‬كان‭ ‬يقرأ‭ ‬دعاء‭ ‬الندبة‭ ‬صبيحة‭ ‬كل‭ ‬يوم‭ ‬جمعة‭ ‬في‭ ‬بيت‭ ‬أحد‭ ‬الزملاء‭. ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬المهندس‭ ‬حسام‭ ‬ليتغيب‭ ‬عن‭ ‬لقاء‭ ‬يوم‭ ‬الجمعة،‭ ‬فهو‭ ‬بالنسبة‭ ‬إليه‭ ‬لقاء‭ ‬مقدس،‭ ‬لا‭ ‬يشغله‭ ‬عنه‭ ‬عمل‭ ‬مهما‭ ‬كان‭ ‬ضرورياً،‭ ‬لقد‭ ‬كان‭ ‬مواظباً‭ ‬عليه‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬الظروف،‭ ‬طالما‭ ‬هو‭ ‬في‭ ‬لبنان‭.‬
واظب‭ ‬على‭ ‬قراءة‭ ‬الدعاء‭ ‬بنفسه،‭ ‬وفي‭ ‬غير‭ ‬يوم‭ ‬الجمعة‭ ‬أيضاً،‭ ‬كنا‭ ‬نسعى‭ ‬للاجتماع‭ ‬اليه‭ ‬لنسمع‭ ‬الدعاء‭ ‬منه،‭ ‬لأن‭ ‬قراءته‭ ‬الجميلة‭ ‬للدعاء‭ ‬تحمل‭ ‬ميزتين،‭ ‬الميزة‭ ‬الاولى‭ ‬هي‭ ‬في‭ ‬صوته‭ ‬الجميل،‭ ‬والميزة‭ ‬الثانية‭ ‬هي‭ ‬في‭ ‬طريقته‭ ‬بالقراءة،‭ ‬لأننا‭ ‬معه‭ ‬كنا‭ ‬نشعر‭ ‬بأنه‭ ‬يدخلنا‭ ‬داخل‭ ‬هذه‭ ‬الكلمات‭ ‬الرائعة،‭ ‬وتتشرب‭ ‬نفوسنا‭ ‬معانيها‭ ‬السامية‭.‬
وبعد‭ ‬كل‭ ‬فطور،‭ ‬كان‭ ‬يقرأ‭ ‬لنا‭ ‬دعاء‭ ‬السفرة،‭ ‬وجميع‭ ‬الحاضرين‭ ‬كانوا‭ ‬يحبون‭ ‬كثيراً‭ ‬هذا‭ ‬الدعاء‭ ‬منه‭.‬