img

وَجَاءَ‭ ‬مِنْ‭ ‬أَقْصَىَ‭ ‬المَدِيْنَةِ‭ ‬رَجُلٌ‭ ‬يَسْعَىَ

لتحميل الكتاب

ارفعوا‭ ‬الراية


لا‭ ‬نستطيع‭ ‬أن‭ ‬نقول‭ ‬أن‭ ‬المهندس‭ ‬حسام‭ ‬كان‭ ‬محباً‭ ‬للمقاومة،‭ ‬فكلمة‭ ‬الحب‭ ‬لا‭ ‬تكفي‭ ‬للتعبير‭ ‬عما‭ ‬كان‭ ‬يبديه‭ ‬هذا‭ ‬الرجل‭ ‬تجاه‭ ‬المقاومة،‭ ‬من‭ ‬الأفضل‭ ‬أن‭ ‬نقول‭ ‬أنه‭ ‬ينتمي‭ ‬إلى‭ ‬المقاومة،‭ ‬انتماء‭ ‬محب،‭ ‬انتماء‭ ‬مؤمن‭ ‬شديد‭ ‬التعلق‭ ‬بإيمانه،‭ ‬هذا‭ ‬ما‭ ‬كان‭ ‬يظهر‭ ‬بوضوح،‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬كان‭ ‬يقوله،‭ ‬فهي‭ ‬دائمة‭ ‬الحضور‭ ‬على‭ ‬لسانه،‭ ‬يسمي‭ ‬الأشياء‭ ‬باسمها،‭ ‬كأن‭ ‬كل‭ ‬شيء‭ ‬ينتمي‭ ‬إليها،‭ ‬فإذا‭ ‬عمل‭ ‬على‭ ‬أرضٍ‭ ‬قال‭: ‬هذه‭ ‬أرض‭ ‬المقاومة،‭ ‬وإذا‭ ‬عبَّد‭ ‬طريقاً،‭ ‬قال‭ ‬هذه‭ ‬طريق‭ ‬المقاومة،‭ ‬وإن‭ ‬أراد‭ ‬تشجيعنا‭ ‬على‭ ‬العمل،‭ ‬أو‭ ‬شكرنا‭ ‬لما‭ ‬نقوم‭ ‬به‭ ‬قال‭: ‬إنكم‭ ‬تشاركون‭ ‬المقاومة،‭ ‬إنَّ‭ ‬عملكم‭ ‬هذا‭ ‬هو‭ ‬مقاومة،‭ ‬وكان‭ ‬يحاول‭ ‬دائماً،‭ ‬ويسعى‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬حين‭ ‬لأن‭ ‬يحافظ‭ ‬على‭ ‬صورة‭ ‬المقاومة‭ ‬وجمهورها،‭ ‬أمام‭ ‬نظر‭ ‬الشعب‭ ‬الايراني‭ ‬أو‭ ‬غير‭ ‬الايراني‭.‬
ولست‭ ‬أنسى‭ ‬ذلك‭ ‬اليوم،‭ ‬كان‭ ‬المهندس‭ ‬حسام‭ ‬كثير‭ ‬الانشغال‭ ‬كما‭ ‬هي‭ ‬عادته،‭ ‬فجدول‭ ‬يومه‭ ‬مزدحم‭ ‬بالأعمال،‭ ‬حين‭ ‬تلقى‭ ‬دعوة‭ ‬لحضور‭ ‬حفل‭ ‬ترفع‭ ‬فيه‭ ‬راية‭ ‬المقاومة‭ ‬في‭ ‬إحدى‭ ‬القرى،‭ ‬كنت‭ ‬أعرف‭ ‬كم‭ ‬كان‭ ‬وقته‭ ‬مضغوطاً‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬اليوم،‭ ‬فبدا‭ ‬إصراره‭ ‬عجيباً‭ ‬بالرغم‭ ‬من‭ ‬ضيق‭ ‬وقته،‭ ‬ومن‭ ‬كون‭ ‬القرية‭ ‬الراعية‭ ‬للاحتفال‭ ‬بعيدة‭ ‬عن‭ ‬مهامه،‭ ‬وطبيعة‭ ‬عمله،‭ ‬أي‭ ‬أنه‭ ‬لا‭ ‬عمل‭ ‬له‭ ‬في‭ ‬تلك‭ ‬المنطقة،‭ ‬ومع‭ ‬ذلك‭ ‬أصرّ‭ ‬على‭ ‬الذهاب‭ ‬والمشاركة،‭ ‬لان‭ ‬في‭ ‬الحفل‭ ‬إعلاء‭ ‬لقوة‭ ‬المقاومة،‭ ‬وفيه‭ ‬ترفع‭ ‬رايتها‭. ‬فما‭ ‬كان‭ ‬منه‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬أعاد‭ ‬تنظيم‭ ‬برنامجه،‭ ‬واستطاع‭ ‬تلبية‭ ‬الدعوة،‭ ‬وهو‭ ‬سعيد‭ ‬بقدرته‭ ‬على‭ ‬تلبية‭ ‬تلك‭ ‬الدعوة‭.‬
وهناك‭ ‬واجهت‭ ‬الإخوان‭ ‬المسؤولين‭ ‬مشكلة‭ ‬كبيرة،‭ ‬وهي‭ ‬أنّ‭ ‬حبل‭ ‬الراية‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬متيناً‭ ‬بما‭ ‬يكفي،‭ ‬وقد‭ ‬قطع‭ ‬عند‭ ‬محاولة‭ ‬جره،‭ ‬عندها‭ ‬حدث‭ ‬ارتباك‭ ‬كبير،‭ ‬وأصيب‭ ‬الجميع‭ ‬بالإحباط،‭ ‬وقد‭ ‬انعدمت‭ ‬الوسائل‭ ‬البديلة،‭ ‬فوقفوا‭ ‬وقد‭ ‬يئسوا‭ ‬واسقط‭ ‬ما‭ ‬في‭ ‬أيديهم،‭ ‬وكان‭ ‬لابد‭ ‬لهم‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬يتخذوا‭ ‬القرار‭ ‬المر‭ ‬والمحرج‭ ‬وهو‭ ‬تأجيل‭ ‬هذه‭ ‬الاحتفالية‭ ‬إلى‭ ‬وقت‭ ‬آخر‭.‬
وهنا‭ ‬تدخل‭ ‬المهندس‭ ‬حسام‭ ‬بكل‭ ‬ثقته‭ ‬العالية،‭ ‬وأصرّ‭ ‬حينها‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬ترتفع‭ ‬الراية‭ ‬دون‭ ‬تأجيل،‭ ‬ونزل‭ ‬في‭ ‬مواجهة‭ ‬هذا‭ ‬العائق،‭ ‬وتخطى‭ ‬المشكلة،‭ ‬حيث‭ ‬أحضر‭ ‬رافعة‭ ‬بسرعة‭ ‬فائقة،‭ ‬في‭ ‬الساعة‭ ‬نفسها،‭ ‬وأصلح‭ ‬الحبل،‭ ‬وتم‭ ‬رفع‭ ‬الراية‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬المحدد‭ ‬لرفعها‭. ‬ووقف‭ ‬ينظر‭ ‬إليها‭ ‬سعيد‭ ‬وهي‭ ‬ترتفع‭ ‬بشموخ‭.‬