إنه صديقي
إذا مررت على كل الطرقات التي نفذها المهندس حسام، وسألت أي شخص من أهالي المنطقة والجوار هناك هذا السؤال: - هل تعرف المهندس حسام؟
لقال لك على الفور وبلا تردد: - طبعاً أعرفه.. إنه صديقي.
هذا ماكنت أسمعه بأذني مراراً. حتى أنني وفي أحد الأيام أردت صرف عامل أساء إلى العمل كثيراً، وكما كان يطلب منا المهندس حسام في التعامل مع العمال، تأكدت بأنني غير ظالم له، ثم استدعيته ومنحته كامل حقوقه وزيادة، وطلبت منه مغادرة العمل، لكنه وقف أمامي واثقاً وقال لي: - لا يمكنك طردي، لا أحد يمكنه طردي.
- لماذا؟!
- لان الحاج حسام صديقي.
وحين حدثت المهندس حسام بما جرى، وقلت: - لقد صرفت صديقك.
ضحك وقال لي: - كل موظفي الكسارة أصدقائي.
عندما يأتي إلى الكسارة يسلم على جميع العاملين دون استثناء، (ولو كانوا خمسين شخصاً(. يتحدث إليهم ويلاطفهم. إنه حقا صديق الجميع، بل هو أكثر من صديق. عندما كنا في ايران، كان خادماً لنا بكل تصرفاته، كنا نخجل منه لشدة تواضعه، وقبل العودة إلى لبنان جمعنا في حفل مؤنس، أراد له أن يكون خاتمة الرحلة، وفي هذا الحفل خطب فينا خطبة جميلة ومؤثرة، أعرب فيها عن حبه لنا، وفي نهاية الخطبة طلب منا أن نسامحه. استغربت زوجتي قوله هذا، والتفتت إليّ قائلة: - على ماذا يجب أن نسامحه؟ هو من يجب أن يسامحنا على تصرفاتنا.
لم يخطئ مع أحد، كان يبحث عن راحتنا طوال الرحلة، حتى أنه إذا أخذنا إلى مطعم، قام هناك بخدمتنا، كان هو من يستلم الطعام من المطبخ، ويعطيه للنادلين لتوزيعه على الطاولات، رغم عددنا الكبير، كنا 150 شخصاً، وهو يدور علينا، يسألنا عما نحتاجه. كان يرعانا طوال الرحلة كما يرعى الأب أبناءه الصغار، وفي نهاية المطاف يطلب إلينا المسامحة.