img

وَجَاءَ‭ ‬مِنْ‭ ‬أَقْصَىَ‭ ‬المَدِيْنَةِ‭ ‬رَجُلٌ‭ ‬يَسْعَىَ

لتحميل الكتاب

صور‭ ‬لا‭ ‬تغيب‭ ‬عن‭ ‬الذاكرة


كنا‭ ‬نعجب‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬الرجل‭ ‬الكثير‭ ‬المشاغل،‭ ‬الكبير‭ ‬في‭ ‬موقعه‭ ‬ومكانته،‭ ‬كيف‭ ‬يولي‭ ‬الأطفال‭ ‬القسم‭ ‬الكبير‭ ‬من‭ ‬اهتمامه،‭ ‬فلهم‭ ‬الأولوية‭ ‬في‭ ‬الحدائق‭ ‬العامة‭ ‬والمنتزهات،‭ ‬يفكر‭ ‬في‭ ‬لعبهم‭ ‬ولهوهم،‭ ‬في‭ ‬سعادتهم،‭ ‬وفي‭ ‬وسائل‭ ‬الحماية‭ ‬والأمان‭ ‬لهم،‭ ‬وكان‭ ‬يفكر‭ ‬ايضاً‭ ‬في‭ ‬تطوير‭ ‬لياقاتهم‭ ‬البدنية‭ ‬والفكرية‭. ‬
ستبقى‭ ‬في‭ ‬ذاكرتي‭ ‬تلك‭ ‬المشاهد‭ ‬الجميلة‭ ‬للمهندس‭ ‬حسام،‭ ‬وهو‭ ‬يلعب‭ ‬مع‭ ‬الأطفال‭ ‬في‭ ‬كرة‭ ‬القدم،‭ ‬أو‭ ‬عندما‭ ‬يجالسهم‭ ‬ويحدثهم،‭ ‬مشاهد‭ ‬ظلت‭ ‬عالقة‭ ‬في‭ ‬الذهن،‭ ‬وأنا‭ ‬أستعيدها‭ ‬بكثير‭ ‬من‭ ‬التأثر،‭ ‬فله‭ ‬طريقة‭ ‬فريدة‭ ‬في‭ ‬التعامل‭ ‬معهم‭.‬
كنت‭ ‬معه‭ ‬في‭ ‬طريقنا‭ ‬إلى‭ ‬العمل،‭ ‬وكنا‭ ‬نركب‭ ‬سيارة‭ ‬كبيرة‭ ‬رباعية‭ ‬الدفع‭ ‬“جيب”‭ ‬وبينما‭ ‬كنا‭ ‬نمرُّ‭ ‬في‭ ‬إحدى‭ ‬القرى‭ ‬فإذا‭ ‬به‭ ‬يرى‭ ‬طفلاً‭ ‬يركب‭ ‬دراجته،‭ ‬فتوقف‭ ‬بالقرب‭ ‬منه،‭ ‬وترجّل‭ ‬من‭ ‬السيارة،‭ ‬وتوجه‭ ‬إلى‭ ‬الطفل،‭ ‬وانحنى‭ ‬يتحدث‭ ‬اليه،‭ ‬ثم‭ ‬طلب‭ ‬إليه‭ ‬أن‭ ‬يعيره‭ ‬الدراجة،‭ ‬اعطاه‭ ‬الطفل‭ ‬الدراجة،‭ ‬فركبها‭ ‬المهندس‭ ‬شوطاً‭ ‬قصيراً‭ ‬وأعادها‭ ‬إليه‭ ‬وهو‭ ‬ينظر‭ ‬إليها‭ ‬مطولاً،‭ ‬وبإعجاب‭ ‬شديد،‭ ‬ثم‭ ‬يقول‭ ‬له‭:‬
‭ - ‬دراجتك‭ ‬جميلة‭ ‬جداً‭... ‬انها‭ ‬دراجة‭ ‬قوية‭... ‬أجمل‭ ‬بكثير‭ ‬من‭ ‬سيارتي
وكنت‭ ‬أنا‭ ‬انظر‭ ‬إلى‭ ‬الصغير،‭ ‬وهو‭ ‬يمسح‭ ‬بيده‭ ‬على‭ ‬دراجته،‭ ‬وقد‭ ‬تضاعف‭ ‬حبه‭ ‬لها،‭ ‬ينظر‭ ‬إليها‭ ‬بفخر‭ ‬شديد‭. ‬ازدادت‭ ‬سعادته‭ ‬بها‭ ‬أضعاف‭ ‬ما‭ ‬كانت‭ ‬عليه‭.‬