هذا مكان مقدس
لقد كان المهندس حسام على علاقة بالشهيد عماد قبل استشهاده، ولم نكن نعرفه نحن كعائلة، لقد تعرفنا إلى الشهيد المهندس بعد حرب تموز، من خلال تلك العلاقة التي كانت تربطه بالشهيد عماد، وبعد استشهاده تطورت علاقتنا معه كعائلة، وازدادت اللقاءات الشخصية به. كان يزورنا من وقت لآخر، في زيارات عديدة، حيث كان يصطحب الوفود الايرانية وغيرهم من الزائرين إلينا، لكي يلتقي بنا، ويسعى من خلال هذه اللقاءات إلى تعميق علاقتنا به أكثر فأكثر.
أثناء لقاءاتنا تلك، تعرفنا إلى جوانب عديدة من شخصيته. وراينا كم أنه رجل شديد التدين، محب وعطوف، متعلق بالمقاومة وأهلها، لا سيما الشهداء، كان تأثره باستشهاد الحاج عماد كبيراً جداً، لقد أحب الحاج عماد كما أحببناه نحن أهله، كان دائما يقول عن شهادته:
- لقد فقدت أعز الناس لدي.
يحدثنا بالكثير من التأثر عن علاقته بالحاج عماد، تلك العلاقة التي امتدت حتى إلى ما بعد استشهاده، وكان يقول:
- إني دائما أشعر أن الحاج عماد موجود وحاضر معي..
واللافت في زياراته لنا على كثرتها، أنه يبقى دائما متأثرا جداً في كل مرة، وأثناء تكلمنا معه، وفي كل الاحاديث التي كانت تدور بيننا، كان يُظهر حبه الشديد لنا، لدرجة أننا كنا نشعر أنه يريد أن يعوضنا غياب الشهيد عماد عنا.
إنه شخص غير عادي، بل هو متميّز. كانت محبته واحترامه يظهران للجميع وخاصة لنا نحن عوائل الشهداء.
أذكر مرة عند زيارته لنا كنا نتبادل الأحاديث حول الشهيد عماد وأعماله وشخصيته، فبدا عليه الكثير من التأثر، حتى دمعت عيناه، وإذا به يقوم من مكانه، ويتوجه إلى وسط الغرفة، ويقف فوق السجادة الدائرية التي اعتدت أن أضعها فوق أرضية الغرفة، وطلب إليّ أن أقف أمامه على هذه السجادة، قمت ووقفت إلى جانبه فوق السجادة دون أن أدري ما هو مقصده، لشدة تأثره أطعته دون أن أسأله، ثم دعاني للعودة إلى مكاني. نظرت إليه فإذا به ينحنيِ بدوره، ثم يهوي إلى الأرض، يقبل ويشم المكان الذي كنت أقف فوقه، ثم نظر إليّ وقال:
- هذا مكان مقدس.. وأنتم أناس مقدسون...