شحنة اضافية
خلال جولاتنا، وعندما يصل إلى مكان ما، يكون الجميع في انتظاره لاستقباله والسلام عليه، حتى ولو لم يكن بينه وبينهم اي علاقة، أو بالمشروع الذي يقوم بتنفيذه.
يريدون التعرف إلى المهندس حسام، إلى ممثل ايران، كانت شهرته تسبقه إليهم، وكان الناس من مختلف الطوائف، مسلمين ومسيحيين ودروز، يدعونه إلى منازلهم، وعلى رأسهم أهم الشخصيات والوجهاء ذوي الرتب الاجتماعية المتواجدة في المكان الذي نقصده، وكان عليه أن يختار، والمتوقع أن يختار أهم تلك الشخصيات وأرفعها مقاماً، لكنه كان يقول لي:
- أنا أقبل دعوة أفقر واحد بينهم.
- طيب ماذا لو لم يكن لديه شيء لضيافتك؟
- أنت تقوم بالمهمة يا يعقوب.
كان يحاول دائماً بعد إصرار الأهالي أن يدخل إلى بيوت أفقر الناس، أما إذا كان في القرية بيت لشهيد، فالأمر مختلف تماماً، فهو يزوره أولاً، وقبل القيام بأي عمل، بل هو أفضل الأعمال لديه، وحين تشير إليه عائلة الشهيد هناك باي طلب مهما كان نوعه، يسعى إلى تنفيذه، كأنه واجب لا نقاش فيه ولا تأخير. سعيد بالسلام عليهم، فخور بالتحية، وبدعوة الزيارة راجيا منهم الدعاء، وتدمع عيناه لشدة حبه لهم، يستأنس بهم، ويسألهم عن الشهيد بدقة، عن تفاصيل حياته واستشهاده، وينصت في حالة وجدانية كأنه يعيش تماماً في تلك التفاصيل. كنت أسأله:
- لماذا تصر على أن تعرف كل هذه التفاصيل عن حياة الشهداء.
- هؤلاء هم المدرسة، مدرسة كاملة يا يعقوب.
وعندما نخرج من منزل أهل الشهيد كان يتنهد ويقول:
- أخذنا اليوم شحنة إضافية!