أبكي على نفسي
عندما استشهد الشهيد عماد مغنية، ذهبت إلى العمل، وأبلغته خبر استشهاده، فقال لي: لقد وصلني الخبر. ذهبت إلى مكتبي بعد ذلك، ورايته يخرج من مكتبه وعيناه مليئتان بالدموع، لقد أحزنني كثرة بكائه، أحببت أن أخفف من أحزانه فقلت له:
- عليك أن تتصبر.
فقال لي وهو يمسح دموعه التي تجري على خديه:
- أنا لا أبكي على الشهيد عماد، بل أبكي على نفسي، أنا أتيت إلى هذا البلد، حيث الجبهات مفتوحة أمام العدو الصهيوني، وها أنا أمامك لم أرزق بالشهادة.
ذكرني هذا بالإمام علي(ع) عندما أتى إلى رسول الله(ص) يقول له وعدتني بالشهادة فاين هي؟ فاستشهد الإمام علي(ع) ليس على الجبهات، وهو يحمل سيفه بل في محراب الصلاة، واستشهد الشهيد حسام في محراب المهمة، حيث كان في خدمة عوائل الشهداء، والمقاومين، وأهلنا المستضعفين.
في لقائنا الأخير، كنت أريد أن أوصل إليه رسالة، وكان ذلك بعد إجرائه مقابلة مع تلفزيون المنار بمناسبة يوم القدس، قلت له:
- تبدو اليوم سعيداً؟
فقال لي ضاحكاً:
- طبعاً سأكون سعيداً، الإخوان في تلفزيون المنار أهدوني مفتاح فلسطين.
كان سعيداً به فوق العادة، فهو عادة عندما يهديه أحد هدية رمزية تظل في إطار الرمزيّة عنده، لكنه مع هذه الهدية كان الوضع مختلفاً، وكأنه كان يشعر أن بإمكانه الآن أن يدخل إلى المسجد الأقصى من خلال هذا المفتاح.كنت أعلم أنه مشغول بإعادة إعمار بعض ما دمرته الحرب في سوريا، فنظرت إلى عينيه، وقلت في نفسي: الله يحفظك يا مهندس. فقال له أحد الموجودين مازحاً:
- مبين عليك يا مهندس حسام أنت أكثر من شهرين لن تعيش.
أنا عصر قلبي هذا المزاح، وتضايقت حينئذ من هذا الكلام بشدة، ولا أدري لماذا، ثم تذكرت هذا الكلام حين جاء خبر استشهاده.