img

وَجَاءَ‭ ‬مِنْ‭ ‬أَقْصَىَ‭ ‬المَدِيْنَةِ‭ ‬رَجُلٌ‭ ‬يَسْعَىَ

لتحميل الكتاب

عملية‭ ‬جراحية


خلال‭ ‬زياراتنا‭ ‬الرسميّة‭ ‬كنا‭ ‬نلتقي‭ ‬برئيس‭ ‬الجمهورية،‭ ‬أو‭ ‬رئيس‭ ‬مجلس‭ ‬الوزراء،‭ ‬ونقدم‭ ‬لهم‭ ‬تقارير،‭ ‬وخلال‭ ‬تلك‭ ‬الجلسات‭ ‬تناقش‭ ‬الاتفاقات‭ ‬مع‭ ‬وزارة‭ ‬النقل‭. ‬كان‭ ‬يجلس‭ ‬ويتكلم‭ ‬معهم‭ ‬بصدق‭ ‬وشفافية،‭ ‬يقول‭ ‬لهم‭:‬
‭ - ‬أنا‭ ‬لست‭ ‬دبلوماسياً‭.. ‬لست‭ ‬إلا‭ ‬عنصراً‭ ‬صغيراً‭ ‬في‭ ‬خدمة‭ ‬دماء‭ ‬الشهداء،‭ ‬ومهما‭ ‬أديت‭ ‬من‭ ‬عمل‭ ‬فهو‭ ‬قليل،‭ ‬وأشعر‭ ‬انني‭ ‬لا‭ ‬أؤدي‭ ‬واجبي‭ ‬كاملاً،‭ ‬أنا‭ ‬مشكلتي‭ ‬لا‭ ‬أملك‭ ‬اللغة‭ ‬الدبلوماسية‭ ‬لأنني‭ ‬أتكلم‭ ‬بصدق‭.‬
كانوا‭ ‬يعتبون‭ ‬عليه‭ ‬ويلومونه‭ ‬بشدة،‭ ‬لأنه‭ ‬في‭ ‬أغلب‭ ‬الأحيان‭ ‬لا‭ ‬يتصرف‭ ‬كما‭ ‬يريدون،‭ ‬عندما‭ ‬يتعهد‭ ‬طريقاً‭ ‬رئيسية،‭ ‬أو‭ ‬غيرها،‭ ‬يعمد‭ ‬إلى‭ ‬تعبيد‭ ‬جميع‭ ‬الشوارع‭ ‬المرتبطة‭ ‬بتلك‭ ‬الطريق،‭ ‬فيلومونه‭ ‬على‭ ‬ذلك،‭ ‬لأنه‭ ‬لم‭ ‬يرد‭ ‬في‭ ‬الاتفاقيات،‭ ‬فيجيبهم‭ ‬بقوله‭:‬
‭ - ‬إذا‭ ‬كنت‭ ‬دكتوراً،‭ ‬وذهبت‭ ‬لتنفيذ‭ ‬عملية‭ ‬جراحيّة،‭ ‬الزائدة‭ ‬مثلاً،‭ ‬لشخص‭ ‬مريض،‭ ‬ووجدت‭ ‬وأنت‭ ‬تقوم‭ ‬بهذه‭ ‬العملية‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬ورم‭ ‬بجانب‭ ‬الموضع‭ ‬فهل‭ ‬تتركه؟‭!.. ‬كنا‭ ‬ننفذ‭ ‬المشروع‭ ‬ووجدنا‭ ‬أموراً‭ ‬أخرى‭ ‬تشكل‭ ‬آلام‭ ‬للناس‭ ‬هل‭ ‬نتركها؟‭.. ‬ليس‭ ‬ذلك‭ ‬لأن‭ ‬أحداً‭ ‬ما‭ ‬من‭ ‬الناس‭ ‬له‭ ‬واسطة،‭ ‬إننا‭ ‬إذا‭ ‬لم‭ ‬ننفذ‭ ‬هذه‭ ‬الطرق‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تخلق‭ ‬فيما‭ ‬بعد‭ ‬مشاكل‭ ‬أخرى‭.. ‬وأنتم‭ ‬تعترضون‭ ‬عليّ‭.. ‬ماذا‭ ‬أفعل؟
لم‭ ‬يقتنعوا‭ ‬بهذا‭ ‬المنطق‭ ‬الواضح،‭ ‬فهو‭ ‬لا‭ ‬يرتبط‭ ‬بالسياسة،‭ ‬بل‭ ‬بالخدمة‭ ‬المباشرة‭ ‬للناس،‭ ‬يصرون‭ ‬على‭ ‬رأيهم‭ ‬قائلين‭:‬ ‭ - ‬نحن‭ ‬في‭ ‬لبنان‭ ‬عندما‭ ‬ننفذ‭ ‬طريقاً‭ ‬يكون‭ ‬هناك‭ ‬غطاء‭ ‬سياسي‭ ‬للتنفيذ،‭ ‬ليس‭ ‬هناك‭ ‬في‭ ‬لبنان‭ ‬خدمة‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬مقابل‭ ‬سياسي‭.‬
في‭ ‬إحدى‭ ‬المرات‭ ‬اعترضوا‭ ‬عليه‭ ‬بشدة،‭ ‬لأنه‭ ‬نفذ‭ ‬طريقاً‭ ‬في‭ ‬منطقة‭ ‬جبيل‭ ‬كسروان،‭ ‬بحجة‭ ‬ان‭ ‬تلك‭ ‬الطريق‭ ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬مما‭ ‬دمرته‭ ‬الحرب‭ ‬في‭ ‬تموز،‭ ‬فقال‭ ‬لهم‭:‬ ‭ - ‬لقد‭ ‬جاء‭ ‬أهل‭ ‬القرية‭ ‬إليّ،‭ ‬وقدموا‭ ‬لي‭ ‬الطلب‭ ‬الأول،‭ ‬والثاني،‭ ‬والثالث،‭ ‬ورأيت‭ ‬كيف‭ ‬ان‭ ‬طرقهم‭ ‬كانت‭ ‬غير‭ ‬صالحة‭ ‬أبداً،‭ ‬ولا‭ ‬يستطيعون‭ ‬أن‭ ‬يمروا‭ ‬عليها‭ ‬إلا‭ ‬بصعوبة،‭ ‬وأصبحت‭ ‬سياراتهم‭ ‬تعاني‭ ‬الكثير‭ ‬بسبب‭ ‬الخراب‭ ‬اللاحق‭ ‬بهذه‭ ‬الطرقات،‭ ‬والتي‭ ‬كانت‭ ‬تسبب‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الحوادث،‭ ‬فبعثنا‭ ‬لكم‭ ‬بطلب‭ ‬لتوافقوا‭ ‬على‭ ‬تنفيذ‭ ‬هذه‭ ‬الطرقات،‭ ‬ثم‭ ‬ذهبنا‭ ‬للتنفيذ‭.‬
‭ - ‬لكنك‭ ‬ذهبت‭ ‬للتنفيذ‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬يأتيك‭ ‬الرد‭.‬
‭ - ‬مشكلتي‭ ‬أن‭ ‬الفترة‭ ‬عندي‭ ‬محدودة،‭ ‬وليس‭ ‬هناك‭ ‬مبرر‭ ‬لإضاعة‭ ‬الوقت،‭ ‬فالإمكانات‭ ‬عندي‭ ‬متوافرة،‭ ‬فهل‭ ‬أترك‭ ‬الناس‭ ‬وآلامها‭ ‬وهم‭ ‬طرقوا‭ ‬بابي‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬مرة؟
كثيرا‭ ‬ما‭ ‬كانوا‭ ‬يطلبون‭ ‬إليه‭ ‬أن‭ ‬يعطيهم‭ ‬المال،‭ ‬وهم‭ ‬يقومون‭ ‬بالذي‭ ‬يرونه‭ ‬مناسباً،‭ ‬كان‭ ‬يرفض‭ ‬ذلك‭ ‬ويقول‭:‬ ‭ - ‬لست‭ ‬مكلفاً‭ ‬أن‭ ‬أعطيكم‭ ‬المال‭.. ‬أنا‭ ‬مكلف‭ ‬أن‭ ‬أعمل‭ ‬بنفسي‭.‬
كان‭ ‬يعاني‭ ‬من‭ ‬ذلك‭ ‬التباين‭ ‬بين‭ ‬ما‭ ‬كان‭ ‬يقوم‭ ‬به،‭ ‬وبين‭ ‬ما‭ ‬كانوا‭ ‬يريدونه،‭ ‬فهو‭ ‬يريد‭ ‬التقرب‭ ‬إلى‭ ‬الله‭ ‬في‭ ‬رفع‭ ‬المعاناة‭ ‬عن‭ ‬الناس،‭ ‬وهم‭ ‬يبحثون‭ ‬عن‭ ‬مصالحهم‭ ‬الخاصة،‭ ‬كان‭ ‬يصارع‭ ‬بجهد‭ ‬وتعب‭ ‬تلك‭ ‬الموانع‭ ‬السياسية‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬تعيق‭ ‬عمله،‭ ‬لقد‭ ‬حارب‭ ‬على‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الجبهات‭ ‬في‭ ‬فترة‭ ‬عمله،‭ ‬بين‭ ‬السياسة‭ ‬والفساد‭ ‬والاهمال‭ ‬والمصالح‭ ‬الشخصية،‭ ‬ما‭ ‬كان‭ ‬أحد‭ ‬سواه‭ ‬يستطيع‭ ‬مقارعة‭ ‬كل‭ ‬ذلك‭ ‬والوقوف‭ ‬بوجه‭ ‬كل‭ ‬تلك‭ ‬المشاكل،‭ ‬فطوال‭ ‬فترة‭ ‬العمل‭ ‬كانت‭ ‬هناك‭ ‬محاولات‭ ‬لعرقلة‭ ‬مهمته،‭ ‬وكان‭ ‬يصارع‭ ‬كل‭ ‬ذلك‭ ‬بمفهوم‭ ‬يلازمه‭ ‬دائماً،‭ ‬وحقيقة‭ ‬واضحة‭ ‬كالشمس‭ ‬بالنسبة‭ ‬اليه،‭ ‬يقف‭ ‬في‭ ‬وجههم‭ ‬ويقول‭:‬
‭ - ‬هذا‭ ‬المال‭ ‬ليس‭ ‬مالي،‭ ‬أو‭ ‬مال‭ ‬أحد،‭ ‬هذا‭ ‬المال‭ ‬هو‭ ‬مال‭ ‬الشهداء،‭ ‬مال‭ ‬لخدمة‭ ‬الناس‭... ‬تريدون‭ ‬أن‭ ‬تأخذوا‭ ‬المال‭ ‬لتنفذوا‭ ‬أنتم‭ ‬المشاريع‭ ‬ويذهب‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬نصف‭ ‬المال‭ ‬هدراً‭.‬؟‭ ‬هذا‭ ‬ما‭ ‬لا‭ ‬يحصل‭ ‬أبداً‭ ‬ولن‭ ‬تصلوا‭ ‬إليه‭.‬
في‭ ‬إحدى‭ ‬المرات،‭ ‬قام‭ ‬أحد‭ ‬المسؤولين‭ ‬الرسميين‭ ‬بزيارة‭ ‬إلى‭ ‬الجنوب،‭ ‬وفي‭ ‬جولة‭ ‬معه‭ ‬على‭ ‬مشاريع‭ ‬الهيئة‭ ‬توقفنا‭ ‬على‭ ‬مشروع‭ ‬جسر‭ ‬أنصار،‭ ‬فسأل‭ ‬المهندس‭ ‬المسؤول‭ ‬الرسمي‭:‬
‭ - ‬كم‭ ‬كلفكم‭ ‬هذا‭ ‬الجسر‭ ‬عند‭ ‬تنفيذه‭ ‬قبل‭ ‬العدوان‭ ‬الإسرائيلي؟
فاتصل‭ ‬المسؤول‭ ‬بمكتبه،‭ ‬وكان‭ ‬الجواب‭ ‬إن‭ ‬التكلفة‭ ‬بلغت‭ ‬880‭.‬000‭$‬،‭ ‬فسأله‭ ‬المهندس‭ ‬حسام‭ ‬عن‭ ‬السنة‭ ‬التي‭ ‬نفذ‭ ‬فيها‭ ‬الجسر،‭ ‬فكان‭ ‬الجواب‭ ‬أن‭ ‬الجسر‭ ‬نُفّذ‭ ‬سنة‭ ‬2003،‭ ‬فقال‭ ‬له‭ ‬المهندس‭ ‬حسام‭:‬
‭ - ‬ان‭ ‬القدرة‭ ‬الشرائية‭ ‬وثمن‭ ‬المواد‭ ‬الأولية‭ ‬قد‭ ‬ارتفعت‭ ‬كثيراً‭ ‬من‭ ‬ذلك‭ ‬الحين‭.. ‬أنا‭ ‬لن‭ ‬أقول‭ ‬لك‭ ‬كم‭ ‬كلّفني،‭ ‬إنّ‭ ‬تصديق‭ ‬ذلك‭ ‬سيصعب‭ ‬عليكم‭..‬
نادى‭ ‬على‭ ‬المهندس‭ ‬الذي‭ ‬نفذ‭ ‬المشروع‭ ‬وقال‭ ‬له‭:‬
‭ - ‬أنا‭ ‬كم‭ ‬أعطيتك‭ ‬بدلاً‭ ‬من‭ ‬تنفيذ‭ ‬هذ‭ ‬الجسر؟‭ ‬
‭ - ‬90.000$
‭ - ‬هذا‭ ‬مع‭ ‬العلم‭ ‬أن‭ ‬جسر‭ ‬أنصار‭ ‬كان‭ ‬العدو‭ ‬قد‭ ‬دمره‭ ‬تدميراً‭ ‬كاملاً‭ ‬مع‭ ‬محيطه‭.‬
ذهل‭ ‬الجميع‭ ‬وتفاجأوا‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬الرقم،‭ ‬فبالحساب‭ ‬البسيط‭ ‬كان‭ ‬المهندس‭ ‬حسام‭ ‬يستطيع‭ ‬بالثمن‭ ‬الذي‭ ‬دفع‭ ‬قديما‭ ‬أن‭ ‬يبني‭ ‬عشرة‭ ‬جسور‭ ‬مثل‭ ‬هذا‭ ‬الجسر‭.‬‭ ‬
يبتسم‭ ‬ويقول‭ ‬لي‭: ‬
‭ - ‬يسرني‭ ‬أن‭ ‬يعرف‭ ‬هؤلاء‭ ‬يوم‭ ‬القيامة‭ ‬بما‭ ‬فعلوا‭ ‬حين‭ ‬يقال‭ ‬لهم‭ "‬وقفوهم‭ ‬إنهم‭ ‬مسؤولون‭.." ‬
خلال‭ ‬اللقاءات‭ ‬المتعددة‭ ‬مع‭ ‬رئيس‭ ‬الوزراء‭ ‬اللبناني‭ ‬فؤاد‭ ‬السنيورة،‭ ‬وبعض‭ ‬الوزراء‭ ‬المعنيين‭ ‬الذين‭ ‬كانوا‭ ‬لا‭ ‬يعلنون‭ ‬عما‭ ‬تقوم‭ ‬به‭ ‬الهيئة‭ ‬الايرانية،‭ ‬بالرغم‭ ‬من‭ ‬التقارير‭ ‬التي‭ ‬كنا‭ ‬نرسلها،‭ ‬والتي‭ ‬تتضمن‭ ‬إحصاءات‭ ‬تفصيلية‭ ‬وأرقاماً‭ ‬دقيقة‭ ‬عن‭ ‬المشاريع‭ ‬التي‭ ‬تقوم‭ ‬بها‭ ‬الهيئة‭. ‬كنا‭ ‬نحن‭ ‬الذين‭ ‬ننشرها‭ ‬في‭ ‬الصحف،‭ ‬ومن‭ ‬خلال‭ ‬المقابلات،‭ ‬وفي‭ ‬إحدى‭ ‬المقابلات‭ ‬قال‭ ‬المهندس‭ ‬هذا‭ ‬المثل‭ ‬الايراني‭:‬
‭ - ‬هناك‭ ‬من‭ ‬يكون‭ ‬نائماً‭ ‬توقظه‭ ‬فيستيقظ،‭ ‬أما‭ ‬من‭ ‬يقوم‭ ‬بتمثيل‭ ‬دور‭ ‬النائم‭ ‬إن‭ ‬حاولت‭ ‬ايقاظه‭ ‬لا‭ ‬يستيقظ‭.‬
ثم‭ ‬طلب‭ ‬مني‭ ‬أن‭ ‬لا‭ ‬أترجم‭ ‬هذا‭ ‬الجزء‭ ‬من‭ ‬كلامه،‭ ‬لكنني‭ ‬وبعد‭ ‬كل‭ ‬الذي‭ ‬رايت‭ ‬من‭ ‬معاناته،‭ ‬ومدى‭ ‬استيائه‭ ‬مما‭ ‬يحدث،‭ ‬خالفت‭ ‬طلبه‭ ‬وقمت‭ ‬بترجمة‭ ‬هذا‭ ‬المثل‭ ‬لشدة‭ ‬تأثري‭ ‬بمعاناته،‭ ‬ثم‭ ‬ندمت‭ ‬بعد‭ ‬ذلك‭ ‬أشد‭ ‬الندم،‭ ‬لأن‭ ‬تلك‭ ‬الترجمة‭ ‬قد‭ ‬خلقت‭ ‬أزمة‭ ‬بين‭ ‬لبنان‭ ‬وايران،‭ ‬وتوترت‭ ‬العلاقة‭ ‬بين‭ ‬الحكومة‭ ‬والهيئة،‭ ‬وتدخلت‭ ‬حتى‭ ‬وزارة‭ ‬الخارجية‭ ‬الايرانية،‭ ‬واعترضوا‭ ‬على‭ ‬هذه‭ ‬الجملة،‭ ‬ثم‭ ‬تدخل‭ ‬الإخوان‭ ‬في‭ ‬حزب‭ ‬الله،‭ ‬وتمنّوا‭ ‬أن‭ ‬لا‭ ‬تدخل‭ ‬الهيئة‭ ‬في‭ ‬نقاش‭ ‬مع‭ ‬الحكومة،‭ ‬لأن‭ ‬ذلك‭ ‬لا‭ ‬يجدي‭ ‬نفعاً‭ ‬كما‭ ‬قالوا،‭ ‬لقد‭ ‬لمت‭ ‬نفسي‭ ‬كثيرا‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬فعلت،‭ ‬ولم‭ ‬أجد‭ ‬لنفسي‭ ‬تبريراً،‭ ‬وكنت‭ ‬في‭ ‬حالة‭ ‬نفسية‭ ‬صعبة،‭ ‬وذهبت‭ ‬لأعتذر‭ ‬منه‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬سببته‭ ‬له،‭ ‬تمنيت‭ ‬أن‭ ‬يلومني،‭ ‬أن‭ ‬يقول‭ ‬لي‭: ‬كان‭ ‬من‭ ‬المفروض‭ ‬أن‭ ‬تقول‭ ‬ما‭ ‬أريد‭ ‬قوله‭. ‬لكنه‭ ‬لم‭ ‬يقل‭ ‬شيئاً،‭ ‬بل‭ ‬قال‭ ‬لي‭:‬
‭ - ‬أنت‭ ‬أديت‭ ‬وأجبك‭ ‬امام‭ ‬الله‭ ‬يا‭ ‬يعقوب،‭ ‬وعبرت‭ ‬عن‭ ‬مكنوناتي‭.. ‬كان‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬تقال‭ ‬كلمة‭ ‬حق‭ ‬في‭ ‬وجه‭ ‬حاكم‭ ‬ظالم‭. ‬
لقد‭ ‬طمأنني‭ ‬بكلامه،‭ ‬وسكنت‭ ‬نفسي‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬كنت‭ ‬في‭ ‬غاية‭ ‬التوتر‭.‬