البرنامج الحافل
في زيارتنا لايران، كان لا يشعر بالراحة، لا يطلبها، ولا يهتم بنفسه، لا يهدأ إلا عندما يتأكد من وجود الجميع، ويطمئن عليهم واحداً واحداً، مثل أب عطوف لعائلة كبيرة، كذلك أثناء الطعام، وعند ركوب الحافلة، يساعد الناس حتى في حمل الحقائب، وكان يبادر للمساعدة في كل شيء.
كان البرنامج طويلاً وحافلاً في تلك الزيارة، فقد زرنا ايران بكاملها تقريباً، المقامات والأماكن السياحية، وأضرحة الشهداء والمجاهدين، كلما ذهبت إلى ايران أتذكر أنه أرشدنا إلى أماكن عديدة، من الصعب أن نصل إليها من دونه.
ذهبنا إلى أهواز، حيث استشهد آلاف الشهداء في الحرب الايرانية العراقية، وحيث استشهد الدكتور الشهيد مصطفى شمران الذي رسّخ في رؤوسنا ثقافة الجهاد ضد العدو الإسرائيلي، وكان من المؤسسين مع السيد موسى الصدر لحركة أمل، وفي القاعة كان هناك شخص يشرح عن الشهيد شمران، فاستأذنت المهندس حسام في أن أشرح تجربتي مع الشهيد شمران، فقد كنا سوياً في بداية العمل مع حركة أمل، فشجعني على ذلك، وتحدثت بما اعرفه، وعند ضريح الشهيد شمران طلب مني المهندس حسام أن أقول الذي قلته في القاعة عن الشهيد شمران أمام التلفاز.
وفي ذلك اليوم نُظّم تكريم لعوائل الشهداء الذين يرافقوننا في الرحلة، قام بتكريمي مع عوائل الشهداء، لم أكن أنتظر منه ذلك، لقد تأثرت كثيراً، ولم أكن أعلم أن المهندس حسام يعرف أن أخي حسين هو من الشهداء، فأنا لم أخبره أن لي أخاً شهيداً، هو من سأل دون علمي، هو من سعى إلى معرفة ذلك، وكان أخي قد استشهد في حسينية معركة مع الشهيد محمد سعد.
كان المهندس حسام يذهب دائما إلى سوريا، وقد اعتدت أن أتصل به اسبوعياً، وعندما لا أتصل به يبادر ويتصل بي، ويطمئن علي وعلى والدي، ويزورنا في المنزل ويحدث والدي بكل ذلك الاحترام الذي تميز به، يتضاعف ذلك الاحترام أمام أبي لكونه والد شهيد، بالرغم من أنه مضغوط في عمله ووقته، وإن لم يتمكن من الزيارة يتصل تلفونياً، يطمئن على والدي، ويشدد عليّ إبلاغه السلام، ويسأله الدعاء.
والدي الذي تعلق بالمهندس حسام وأحبه كثيراً، حزن أشد الحزن لاستشهاده. عندما يذكر الآن اسم الشهيد حسام أمام والدي تجري دموعه على خدّيه.
آخر مرة التقيت فيها بالمهندس حسام كان في مكتب الهيئة، لم يسمح لنا بالمغادرة إلا بعد أن نتناول طعام الغداء. وفي ذلك اليوم شعرت أنه اللقاء الأخير بيننا، فصافحته أكثر من مرة، وضممته إلى صدري وقبلته.