وإن كان وزيرا
كنا ننوي التخطيط لبعض الطرقات، فاتصل ليسأل عن كلفة المتر المربع لتخطيط الطريق، وبعد أن وصل إلى أفضل الاسعار، فكر قليلاً ثم اتصل ليسأل عن سعر ماكنة التخطيط، وأسعار المواد الاولية، من دهان وغير ذلك، وأجرى حسابات سريعة، وانتهى بخلاصة مفادها أن يشتري الماكنة والمواد، ويستأجر عمالاً يعملون على التنفيذ، وهذا ما تم فعلاً، وكان الفارق كبيراً في التكلفة وفي جودة العمل.
وايضا بالنسبة للأسفلت، خلص إلى أن ينشئ مجبلاً للزفت، وأنشأ كسارة واشترى آليات. كان يعمل وكأنه المالك للمشروع، وليس مندوبا مكلفاً. أذهل الجميع حتى من هم في وزارة الأشغال بهذا العمل، فهو قد بدأ العمل بعد حرب تموز بشهرين تقريباً، واستطاع ان ينشئ مجبلاً للزفت، وكسارة، ذهل الجميع من نسبة التوفير الكبيرة التي تمكن من الحصول عليها، لم تسبق لاي جهة مانحة أن قامت بمثل هذا الأداء.
لقد عوّد الناس على العمل بطرق مغايرة عما اعتادوا عليه، مثال ذلك انه اشترط على أن يكون التعاطي مباشراً مع المتعهدين، دون وسيط، ليتمكن من المتابعة المباشرة، وليوفر مبلغا مهدوراً عند دخول الوسيط، وهكذا لم يصمد معه الا الأقوياء في مصالحهم، ومن اصحاب الخبرة، والمخلصين في عملهم.
لا يوجد شيء في العمل "ما بيضبط" لا شيء عنده مستحيل، كل شيء ممكن، ينظر اليك بدهشة إن قلت له مستحيل، ويقول:
- لا تقول مستحيل.. قل صعب.. قل انك لا تريد.. لكن لا تقول مستحيل.
ويثبت عملياً، وعلى الأرض أن مستحيلك ممكن، فهو يقوم بإنجازه على أكمل وجه، وكأن الصعوبات تتذلل أمام اصراره وعناده، أمام قدرته الكبيرة على اختراع الحلول. اخلاصه هو الذي كان يصنع كل ذلك.
استمعت اليه في أحد الايام وانا راكب معه في السيارة، حين رن جرس هاتفه، وكان على الطرف الآخر أحد الوزراء، وبعد أن عرفه على نفسه قائلاً انه الوزير الفلاني، طلب إليه أن يعبّد له الطريق المؤدي إلى بستانه، فطلب إليّ وقتها المهندس حسام أن نذهب سوياً للكشف عن تلك الطريق. ذهبت معه وسلكناها كلها، فوجدناها طريقاً معبدة من أولها حتى آخرها، وكانت طريقاً طويلة، وكنت أقف بالقرب من المهندس حسام حين اتصل بذلك الوزير وقال له أنها معبدة ولا بأس بها، فأجابه الوزير لا مانع من تعبيدها بوجه اضافي لتصبح أفضل، فما كان من المهندس حسام إلا أن قال:
- حرام أن أحرم آخرين من الاستفادة بهذه الأموال لأزفت لك طريق ليست بحاجة إلى تعبيد.
الكثير من الناس غير المهندس حسام، يسعدهم خدمة النافذين وتوطيد العلاقة بهم لاستثمار تلك العلاقات عند الحاجة، لكنه لم يكن بحاجة سوى إلى استثمار علاقته بالله.